اليوم الأحد الموافق 18 من شهر أغسطس الجاري غادرنا الممثل الفرنسي "ألان ديلون" عن عمر ناهز الـ 88 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا سينمائيًا يتجاوز 100 فيلم، وأعلنت عائلته خبر وفاته بهدوء وسلام، بعد أن قضى ثلاث سنوات في رعاية طبية دون معاناة من مرض معين، وإنما بسبب ضعف عام أصابه وجعله أقل قدرة على الحركة والنشاط.
بداية "ألان ديلون" قبل أن يدخل عالم السينما في عام 1957، كان "ديلون" جنديًا في البحرية الفرنسية، حيث أُرسل إلى سايغون خلال الحرب الهندوصينية التي دارت بين عامي 1946 و1954، تم إعفاؤه من الخدمة العسكرية بعد حادث سيارة أثناء قيادته لجيب عسكري بدون إذن.
مما دفعه للعودة إلى باريس، وهناك بدأ "ديلون" في العمل بوظائف يدوية متعددة، حتى قابل الممثل الفرنسي "جان كلود بريالي" والذي ساعده في العثور على أدوار صغيرة في السينما، بالإضافة إلى الممثلة "ميشيل كوردو" والتي عرّفته على المخرج "إيف أليغريه".
الذي منحه أول دور سينمائي له في فيلم "أرسل امرأة عندما يخفق الشيطان" عام 1957، ولم يكن لدى "ديلون" أي خلفية تمثيلية عندما بدأ مشواره السينمائي، ولكن بفضل نصيحة المخرج "أليغريه"، الذي أخبره بأن يكون طبيعيًا ويتحدث بعفوية كما يفعل في الحياة اليومية.
تمكن من تطوير أسلوبه الفريد في التمثيل، وكانت تلك النصيحة نقطة تحول في مسيرته بفضل وسامته وكاريزمته، بينما لفت أنظار المنتجين العالميين منهم المنتج الأمريكي "ديفيد أو سلزنيك" الذي عرض عليه عقدًا لسبع سنوات بشرط تحسين لغته الإنجليزية.
على الرغم من أنه لم يقبل العرض، إلا أن ذلك لم يمنع "ديلون" من تحقيق نجاح كبير في أوروبا وفرنسا، ولم يخترق "ديلون" هوليوود إلا بعد مرور ثماني سنوات على دخوله عالم السينما، وكان ذلك من خلال فيلم "الرولز - رويس الصفراء" عام 1964.
حيث شارك في البطولة مع نجوم عالميين مثل "إنغريد برغمن" والنجم المصري العالمي " عمر الشريف "، لكن رغم كل هذا النجاح، لم يتمكن من جذب الجمهور الأمريكي بشكل كبير وظل نجمه يلمع في أوروبا، بينما ارتبط اسم "ألان ديلون" بمخرجين عظماء في السينما الفرنسية والأوروبية.
من أبرزهم "جان بيير ملفيل" الذي عمل معه في ثلاثية شهيرة تضمنت أفلام "الساموراي" في 1967، وأيضاً "الدائرة الحمراء" في عام 1970، و"شرطي" في 1972، كما شارك "ديلون" في أعمال أخرى لعمالقة السينما مثل "لوكينو ڤيسكونتي" في فيلمي "روكو وإخوته" في عام 1960 و"الفهد" في 1963.
و"مايكل أنجلو أنطونيوني" في "الخسوف" عام 1962، و"جوزف لوزي" في "السيد كلاين" عام 1976، بينما شكلت علاقة ديلون بالممثلة "رومي شنايدر" جزءًا كبيرًا من حياته الشخصية والمهنية، حيث تعاونا في عدة أفلام بعد أن التقيا لأول مرة في فيلم "كريستين" عام 1958.
رغم انفصالهما في عام 1963 إلا أن شراكتهما الفنية استمرت وشهدت تقديم عدة أعمال ناجحة، ومع تقدمه في العمر قلّل "ديلون" من مشاركاته السينمائية، وبدأ في تجربة الإخراج، حيث أخرج فيلم "قتل شرطي" في عام 1981، كما نشط في مجال الإنتاج.
أما في السنوات الأخيرة قدم "ديلون" آخر أدواره السينمائية في فيلم "متنصّل" عام 2019 حيث لعب دور نفسه، ولم يكن مجرد ممثل عادي بل كان رمزًا للسينما الفرنسية، حيث جسّد العديد من الأدوار التي تركت بصمة في تاريخ الفن السابع، في رحلته من شاب دون خبرة تمثيلية.
إلى أحد أكبر نجوم السينما الفرنسية تشهد على موهبته الفذة وإرادته القوية في تحقيق النجاح، حتى مع تقدمه في العمر وتراجع نشاطه الفني، ظل "ديلون" يحتل مكانة خاصة في قلوب عشاق السينما حول العالم.