تواجه غزة أزمة إنسانية خانقة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر الذي يمنع وصول 80% من شحنات الغذاء إلى القطاع، وفقاً لتقارير صادرة عن أكثر من 12 منظمة إنسانية، ويأتي ذلك في وقت يمر فيه القطاع بأزمة خانقة جراء القصف المتواصل ونقص المساعدات الأساسية مثل الغذاء والمياه والأدوية والوقود، مما يهدد حياة نحو 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع.
حيث تفاقمت معاناة الفلسطينيين في غزة بشكل كبير مع استمرار الحصار الإسرائيلي، الذي دخل عامه الأول منذ بدء الحرب، وتشير بيانات منظمات الإغاثة إلى أن 83% من المساعدات الغذائية المطلوبة لا تصل إلى القطاع، مقارنة بنسبة 34% فقط العام الماضي.
حيث أن هذا التدهور الكبير في حجم المساعدات يعني أن السكان ينتقلون من الحصول على وجبتين يومياً إلى وجبة واحدة فقط كل يومين، بحسب تحذيرات جماعات الإغاثة، كما تصف مديرة منظمة “كير” الدولية في غزة والضفة الغربية "جوليان فيلدفيك"، الوضع بأنه “أكثر من كارثي”، مؤكدة أن القطاع يعانيمن نقص حاد في المواد الأساسية مع ازدياد أعداد النازحين وانتشار الأمراض والجوع بين السكان.
إلى جانب الحصار تتعرض غزة لقصف إسرائيلي مستمر تسبب في تدمير أحياء سكنية كاملة وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنسانيفي القطاع، وتمنع إسرائيل دخول الغذاء والمياه والأدوية والوقود، وهي المواد التي تعد حيوية لتلبية احتياجات السكان ولتشغيل المستشفيات والمخابز والمرافق الأساسية.
كما تشير الأرقام إلى أن غزة استقبلت في شهر أغسطس الماضي متوسطاً منخفضاً بلغ 69 شاحنة مساعدات يومياً، وهو عدد لا يقتربحتى من تلبية احتياجات السكان وعلى سبيل المقارنة، كان القطاع يتلقى في أغسطس 2023 حوالي 500 شاحنة مساعدات يومياً، وهو رقم كان يعتبر حينها غير كافٍ لتلبية الطلب المتزايد.
بينما أدت الأوضاع المتدهورة في غزة إلى ارتفاع نسبة سوء التغذية بين الأطفال، حيث يقدر أن حوالي 50 ألف طفل فلسطيني تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و4 سنوات يحتاجون إلى علاج عاجل لسوء التغذية، وتشير تقارير الأطباء إلى أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً منهذه الأزمة.
حيث يعانون من توقف نموهم نتيجة الجوع المستمر. وفي هذا السياق، قالت الدكتورة طبيبة طوارئ أمريكية تطوعت مؤخراً فيغزة "تامي أبو غنيم"، إن “الجوع يؤثر على قدرة الأطفال على التعافي من الإصابات، كما يعاني الأطفال من تأخر في النمو لسنوات، ولاتستطيع الأمهات الجائعات إرضاع أطفالهن”.
إلى جانب نقص الغذاء يشهد القطاع نقصاً حاداً في غاز الطهي والوقود، مما يعيق تشغيل المخابز والمطابخ ويحد من قدرة فرق الإغاثة على تقديم المساعدات الإنسانية، ويؤكد محمود السقا، وهو عامل إغاثة في منظمة “أوكسفام”، أن الوضع في شمال غزة خطير جداً مع نقصكبير في المواد الغذائية الأساسية مثل الخضروات والفواكه والدواجن واللحوم الطازجة.
والعرقلة المستمرة للمساعدات تؤدي إلى تفاقم المعاناة في القطاع، وتزيد من صعوبة وصول الإمدادات الحيوية التي يحتاجها السكان للعيش، ويؤكد السقا أن فرق الإغاثة تواجه تحديات كبيرة في تنفيذ مهامها، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني في غزة بلغ حداً لا يمكن تحمله، وفي تقرير حديث صادر عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء.
حيث تم اتهام إسرائيل بتعمد تجويع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية كجزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى تهجير السكان والسيطرة على الأراضي، كما أن هذا التقرير يتزامن مع تحذيرات منظمات الإغاثة الدولية التي تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري للضغط على إسرائيل لرفع الحصار وتسهيل دخول المساعدات إلى القطاع.
كما تشدد المنظمات على ضرورة مطالبة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إسرائيل بإنهاء العرقلة المستمرة لوصول المساعدات، وتنفيذ وقف إطلاق نار دائم لتخفيف معاناة السكان المدنيين، بينما تطالب منظمات الإغاثة الدولية بإنهاء الحصار المفروض على غزة فوراً والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود.
حيث تؤكد هذه المنظمات أن استمرار الحصار يفاقم الأزمة الإنسانية ويعرض حياة ملايين المدنيين للخطر إلى جانب ذلك، تشدد على ضرورة تطبيق القانون الدولي الإنساني الذي يفرض حماية المدنيين في أوقات النزاعات، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإنهاء الأزمة المتفاقمة.