أكد وزير الخارجية الأردني "أيمن الصفدي"، اليوم الأربعاء الموافق 18 من شهر سبتمبر الجاري، أن إلغاء اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل في عام 1994 لا يصب في مصلحة الفلسطينيين أو الأردنيين، على الرغم من وصفه للاتفاقية بأنها أصبحت وثيقة يملؤها الغبار، حيث جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد على هامش اجتماع دولي لمناقشة التحرك لوقف الحرب الدائرة في غزة.
بينما أوضح "الصفدي" أن السؤال الرئيسي المطروح حالياً هو هل يؤدي إلغاء اتفاقية السلام إلى تحقيق مكاسب لفلسطين أو الأردن ؟ وردًاعلى هذا التساؤل، أشار "الصفدي" إلى أن بلاده ترى أن إلغاء الاتفاقية لن يخدم أيًا من الطرفين، كما أضاف أن هناك فئات متطرفة في إسرائيل ترغب في إلغاء هذه الاتفاقية للتنصل من التزاماتها الدولية تجاه الفلسطينيين.
منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، تشهد المملكة الأردنية احتجاجات متواصلة تندد بالحرب وتعلن التضامن مع الفلسطينيين، وبرزت دعوات في الشارع الأردني لإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، في ظل تزايد حدة التوترات الإقليمية والمواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وبالرغم من هذه الضغوط الداخلية، يرى الصفدي أن معاهدة السلام قد خدمت مصالح الأردن والفلسطينيين على مدار العقود الماضية، وذكرأن هذه الاتفاقية مكنت الأردن من استعادة أراضيه المحتلة وتثبيت مواقف سياسية واضحة داعمة للقضية الفلسطينية.
بينما أشار "الصفدي" في تصريحاته إلى استعادة الأردن السيادة الكاملة على أراضي الباقورة والغمر، الواقعتين على طول الحدود الأردنية الإسرائيلية، وهذه الأراضي كانت تحت السيادة الإسرائيلية لمدة 25 عامًا بموجب اتفاق مبرم ضمن إطار معاهدة السلام، إلا أن الأردن استعادها بالكامل بعد انتهاء تلك الاتفاقية في عام 2019.
كما تعد استعادة هذه الأراضي إنجازاً مهماً للأردن في ظل التوترات المستمرة مع إسرائيل، وقد أكد الصفدي أن معاهدة السلام مع إسرائيل كانت أداة لتحقيق مصالح الأردن والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وأوضح "الصفدي" أن الاتفاقية لم تكن مجرد وثيقة سلام، بل وسيلة لتعزيز التعاون الإقليمي وحماية المصالح الأردنية.
بينما ذكر أنه في ضوء الظروف الراهنة، باتت الاتفاقية أشبه بوثيقة غير مفعلة بسبب توقف جميع أشكال التعاون بين الأردن وإسرائيل ومع ذلك، شدد على أن الأردن لا يزال يرى أهمية الحفاظ على هذه الاتفاقية كإطار لحماية مصالحه ومصالح الفلسطينيين، وقال الصفدي:
"نحن نستخدم هذه الاتفاقية كأداة لحماية مصالح الأردن ودعم الشعب الفلسطيني في ظل التحديات المستمرة”.
كما أضاف أن الأردن لن يتخلى عن هذه الاتفاقية بسهولة، خاصة مع استمرار التوترات الإقليمية وتصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والعلاقات بين الأردن وإسرائيل شهدت تدهوراً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، حيث تفاقمت التوترات على خلفية الحرب في غزة، وفي مطلع نوفمبر قامت الحكومة الأردنية باستدعاء سفيرها من إسرائيل كإجراء احتجاجي على السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
كما أبلغت عمان الحكومة الإسرائيلية بعدم نيتها إعادة سفير إسرائيل إلى الأردن، مما يزيد من تعقيد العلاقات الثنائية بين البلدين، ورغم هذا التصعيد الدبلوماسي، يبقى الأردن ملتزماً بمعاهدة السلام، على الرغم من تجميد العديد من بنودها نتيجة الأحداث الأخيرة، ويبدو أن الأردن يسعى للحفاظ على موقفه المعتدل والوسطي في ظل التوترات الإقليمية، مع التأكيد على حقوقه في حماية مصالحه الوطنية والدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
بينما تحدث "الصفدي" عن المخاطر المحتملة لإلغاء الاتفاقية في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن ذلك قد يعطي ذريعة للمتطرفين الإسرائيليين للتنصل من الالتزامات المترتبة عليهم تجاه الفلسطينيين، كما أشار إلى أن إلغاء الاتفاقية لن يؤدي إلى تحسين الأوضاع على الأرض، بل قديزيد من حدة التوترات ويعقد من إمكانية الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
بينما تعتبر الأردن أن الاستمرار في الحفاظ على الاتفاقية رغم الصعوبات الراهنة، يخدم المصالح الاستراتيجية للبلاد ويسهم في الحفاظ على الاستقرار النسبي في المنطقة، كما يمثل هذا الموقف استمرارًا لنهج الأردن الداعي إلى الحوار والدبلوماسية كسبيل لحل النزاعات الإقليمية.
ومع استمرار الحرب في غزة وتصاعد التوترات الإقليمية، يبقى السؤال مطروحًا حول مستقبل معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، وبينما يرى البعض أن الاتفاقية قد فقدت فاعليتها في ظل الأحداث الجارية، يؤكد الأردن على ضرورة الحفاظ عليها كوسيلة لحماية مصالحه وضمان حقوق الفلسطينيين.