اجتاحت أمطار غزيرة مناطق مختلفة من أوروبا جراء العاصفة “بوريس”، مما تسبب في حدوث فيضانات كبيرة شملت دولاً مثل التشيك، سلوفاكيا، بولندا، ورومانيا، مخلفة وراءها دمارًا واسعًا، وفي بولندا وحدها، أودت الفيضانات بحياة أربعة أشخاص، بينما تستمر فرق الإنقاذ في جهود الإغاثة وإجلاء السكان المتضررين.
في جنوب غربي بولندا ، ارتفع منسوب المياه في السدود بشكل حاد نتيجة الأمطار المستمرة، ما أدى إلى فيضان سد بلدة ميندزيجوزي في منطقة سيليزيا السفلى، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتصريف المياه، إلا أن الفيضانات كانت غير قابلة للسيطرة، مما دفع السلطات لإجلاء نحو 1600 شخص من منازلهم.
كما ارتفعت المياه إلى مستويات خطيرة في العديد من الأنهار، وتسببت في غمر عدة بلدات، ومدينة كلودسكو التي يبلغ عدد سكانها نحو 25 ألف نسمة، كانت من بين المناطق الأكثر تضرراً حيث غمرت المياه أجزاءً كبيرة منها، ورئيس الوزراء البولندي "دونالد توسك" وصف الوضع بأنه مأساوي للغاية.
مشيرًا إلى أن الضرر الأكبر حدث في منطقة كلودسكو. ونتيجة لهذه الظروف، انقطعت الكهرباء عن حوالي 17 ألف منزل، وأُعيقت خدمات الاتصالات في بعض المناطق، مما زاد من صعوبة عمليات الإغاثة، ومن جانبه دعت السلطات المحلية السكان إلى التعاون مع فرق الإنقاذ في المناطق التي أُصدرت فيها أوامر إخلاء، وذكرت هيئة إدارة المياه الإقليمية أن الوضع لا يزال حرجًا.
مما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير إضافية لتجنب حدوث كارثة أكبر، وهذا السد الذي يعود تاريخ بنائهإلى أوائل القرن العشرين، مصمم لاحتواء حوالي مليون متر مكعب من المياه، إلا أن الأمطار الغزيرة فاقت توقعات المسؤولين، والأمطار في جنوب غربي بولندا تجاوزت المعدلات التي شهدتها البلاد خلال فيضان الألفية في عام 1997.
والذي تسبب في خسائر جسيمة وأودى بحياة 56 شخصًا في بولندا وحدها، وأعلنت السلطات حالة الطوارئ في عدة مناطق مع مراقبة الوضع عن كثب، وفي النمسا أُعلنت 42 بلدية كمناطق كوارث طبيعية بعد أن ارتفعت مستويات الفيضانات بشكل ملحوظ، خاصة في منطقتي كامبوكريمبس، اللتين تصبان في نهر الدانوب.
وفقًا لتصريحات نائب حاكم النمسا السفلى "ستيفان بيرنكوبف"، فإن الدفاعات التي أُقيمت ضدالفيضانات بعد كارثة عام 2002 كانت مصممة للتعامل مع فيضانات تحدث مرة كل 100 عام، إلا أن الأمطار الغزيرة المتوقعة قد تتجاوز هذه الحدود، كما حذر خبراء الأرصاد الجوية من أن مستويات نهر الدانوب قد تصل إلى ما يُسمى بفيضان الثلاثين عامًا.
والذي يحدث بمعدل نادر جدًا، مما ينذر بوضع أكثر خطورة، والأمطار المتوقعة في الساعات المقبلة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الانهيارات الأرضية، وقد أُغلقت عدة مناطق وأُجلت منها السكان كإجراء احترازي، والعاصفة “بوريس” لم تؤثر فقط على المنازل والممتلكات، بل شلت أيضًا حركة النقل في أجزاء واسعة من النمسا.
حيث توقفت حركة القطارات في بعض المناطق، بما في ذلك الخط الغربي المزدحم الذي يربط العاصمة فيينا بألمانيا، والشركة المشغلة للقطارات الوطنية أعلنت عن تشغيل حافلات بديلة لتلبية حاجة الركاب، إلا أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية جراء الفيضانات قد تستمر حتى مساء الاثنين.
في العاصمة فيينا تعطلت الخدمة جزئيًا في بعض خطوط مترو الأنفاق بسبب التهديد المتزايد لفيضان نهر فيينا، وأصدرت السلطات المحلية تعليمات للسكان بالابتعاد عن المناطق القريبة من الأنهار، وطلبت منهم المغادرة إذا لزم الأمر، والظروف القاسية التي خلفتها العاصفة دفعت قوات الطوارئ إلى تنفيذ عمليات إنقاذ عاجلة في بعض المناطق.
وفي شمال فيينا تمكن رجال الإطفاء من إنقاذ عدد من السكان الذين حُوصروا في منازلهم بسبب ارتفاع منسوب المياه خلال الليل، ولا تزال جهود الإنقاذ مستمرة لتقديم المساعدة للأشخاص المتضررين من الفيضانات في أنحاء البلاد، أما عن منطقة النمسا السفلى.
والتي تعد من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في البلاد بعد فيينا، تأثرت بشكل خاص بالعاصفة، ومع تعدادسكاني يزيد عن 1.7 مليون نسمة، تم تصنيف المنطقة كمنطقة كوارث طبيعية، مما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير إضافية لتأمين السكان وتقليل الأضرار، والعاصفة “بوريس” أثبتت مدى هشاشة بعض البنى التحتية في مواجهة الكوارث الطبيعية، وتسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة، ورغم التدابير الاحترازية المتخذة، فإن استمرار هطول الأمطار يهدد بمزيد من الدمار.