شهد لبنان خلال الأيام الأخيرة موجة من الانفجارات طالت أجهزة الاتصال اللاسلكية من نوع "آيكوم" بعد أن كانت البلاد قد تعرضت في اليوم السابق لانفجار أجهزة "البيجر" وقد بدأت هذه الانفجارات في مناطق متعددة شملت الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب ومناطق البقاع شرقا وتسببت في وقوع عدد كبير من الضحايا حيث قتل 20 شخصا وأصيب 450 آخرون بينما كان قد سبق هذا الحدث بيوم واحد مقتل 13 شخصا بينهم 11 من عناصر حزب الله وإصابة أكثر من 3000 آخرين في سلسلة من الانفجارات التي استهدفت أجهزة "البيجر" في عدة مناطق لبنانية
وزارة الاتصالات اللبنانية أعلنت يوم الأربعاء أن الانفجارات التي طالت أجهزة "آيكوم" جاءت بفعل تفجير إسرائيل لهذه الأجهزة التي تستخدمها عناصر حزب الله وأكدت الوزارة أن هذه الأجهزة من طراز Icom V82 لم تكن قد تم شراؤها عن طريق الوكيل المعتمد ولم تحصل على الترخيص اللازم من قبل وزارة الاتصالات وأشارت إلى أن الحصول على الترخيص يتطلب موافقة الأجهزة الأمنية في البلاد كما أظهرت صور من مواقع الحوادث لوحات داخلية لأجهزة الاتصال التي انفجرت وكانت تحمل علامة "آيكوم" مع عبارة "صنع في اليابان "
على إثر هذه الأحداث المأساوية علقت شركة "آيكوم" اليابانية المختصة بتصنيع معدات الاتصال اللاسلكية على تلك الانفجارات مؤكدة أنها فتحت تحقيقا في التقارير التي تفيد بانفجار أجهزة تحمل شعار الشركة في لبنان وذكرت الشركة التي تدرج أسهمها في بورصة طوكيو أنها ستقوم بنشر أي معلومات جديدة تتوفر لديها حول هذا الأمر على موقعها الإلكتروني فور توفرها ولم تكتف الشركة بهذا التصريح بل دخلت على خط القضية الحكومة اليابانية أيضا حيث أوضح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني أنه تم الاطلاع على التقارير المتعلقة بالانفجارات وأجهزة الاتصال التابعة لشركة "آيكوم" وأن الحكومة اليابانية تسعى حاليا لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الموضوع
أما في الولايات المتحدة فقد كشف مسؤول في شركة "آيكوم" فرع أميركا ويدعى راي نوفاك عن معلومات مهمة قد تسهم في فهم ما حدث فقد أوضح نوفاك أن الأجهزة التي انفجرت في لبنان تبدو كأنها مقلدة وليست من تصنيع الشركة الأصلية حيث أشار إلى أن شركة "آيكوم" توقفت عن تصنيع نموذج V82 من أجهزة الراديو ذات الاتجاهين منذ أكثر من عقدين على الرغم من أن هذا الجهاز لا يزال مفضلا لدى هواة الراديو الذين يستخدمونه لأغراض التواصل الاجتماعي أو في حالات الطوارئ مثل تتبع الأعاصير والعواصف الجوية
وفي حديثه مع وكالة "أسوشييتد برس" أكد نوفاك أن تلك الأجهزة التي انفجرت ليست من منتجات الشركة الأصلية مضيفا أنه أمضى اليوم كاملا في تلقي اتصالات عديدة لمحاولة تصحيح المعلومات المغلوطة حول جهاز "آيكوم" الذي تم إيقافه منذ فترة طويلة وأوضح أن من السهل العثور على نسخ مقلدة من هذا الجهاز تُباع عبر الإنترنت في العديد من المواقع وأكد أن هذه النسخ المقلدة قد تكون السبب الرئيسي وراء تلك الانفجارات التي شهدها لبنان
الموقف الذي تشهده الساحة اللبنانية حاليا يأتي وسط تصاعد التوترات الأمنية والسياسية في البلاد مما يجعل هذه الأحداث تنعكس بشكل مباشر على استقرار الأوضاع ووفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام المحلية في لبنان فإن هذه الانفجارات قد تم توجيه أصابع الاتهام فيها بشكل مباشر إلى إسرائيل خاصة وأن أجهزة الاتصال المتفجرة كانت بحوزة عناصر من حزب الله الذين يستخدمونها في مهامهم العسكرية والأمنية
وكانت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان قد أكدت أيضا أن الأجهزة التي انفجرت في تلك المناطق كانت من نوع "آيكوم" وهو ما يزيد من التساؤلات حول كيفية دخول تلك الأجهزة المقلدة إلى السوق اللبنانية واستخدامها من قبل حزب الله في عملياته الميدانية ويرى الخبراء أن تلك الأجهزة قد تكون دخلت إلى السوق عبر قنوات غير رسمية أو بطرق تهريب مما يضع العديد من علامات الاستفهام حول الرقابة على المنتجات التي تدخل إلى البلاد ومدى تطابقها مع المواصفات الأمنية والتقنية المطلوبة
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه في هذه اللحظة الحاسمة هو كيف يمكن تجنب تكرار هذه الكارثة مره اخري وهل يمكن للحكومة اللبنانية اتخاذ خطوات فعلية لضبط حركة استيراد أجهزة الاتصالات اللاسلكية في البلاد وتطبيق معايير صارمة على الأجهزة المستخدمة من قبل المجموعات العسكرية والمدنية سواء كانت مرخصة أم لا وهل ستؤدي التحقيقات التي تجريها شركة "آيكوم" والحكومة اليابانية إلى الكشف عن تفاصيل جديدة تسهم في منع حدوث حوادث مشابهة في المستقبل