تستعد مدينة دبي لاستضافة حدث مميز وغير مألوف، وهو أول لقاء في العالم خالٍ تماماً من الهواتف، يوم الأحد 22 سبتمبر. ستقام الفعالية في أحد مقاهي جميرا، حيث سيتم تحويل المكان إلى واحة هادئة خالية من الأجهزة الإلكترونية. يهدف هذا إلى منح الزوار فرصة للتخلص من تشتيت التكنولوجيا والانخراط في تفاعل حقيقي وجهاً لوجه مع الآخرين، بعيدًا عن العالم الرقمي.
الفكرة وراء هذا الحدث تأتي من نادي اولاين كلوب "The Offline Club"، وهي منظمة تأسست في هولندا لتعزيز الرفاهية الرقمية والتوازن بين الحياة الافتراضية والحقيقية. بالتعاون مع مقهى "سيفا" في دبي، يسعى النادي لتقديم هذه التجربة الفريدة لسكان المدينة، بهدف منحهم لحظات من السلام والاتصال الإنساني بعيدًا عن الإشعارات والشاشات.
عند دخول المقهى، سيُطلب من الحضور تسليم هواتفهم، ولن تُعاد إليهم إلا بعد انتهاء الفعالية. بدون الهواتف والانشغالات التي تسببها، سيتمكن المشاركون من قراءة الكتب، الرسم، أو التحدث مع الآخرين، في أجواء تساعد على إعادة التواصل مع الذات والآخرين.
ستبدأ الفعالية بعشاء جماعي، يليه جلسة اجتماعية تفاعلية، وتختتم بتجربة علاج بالصوت في حديقة المقهى. تصف أندريا ستيفانيلي، الشريكة المؤسسة للنادي، هذا الحدث بأنه فرصة للعودة إلى زمن ما قبل الهواتف الذكية، عندما كان الناس يقضون وقتهم معاً بدون ضغوط رقمية.
على الرغم من أن الفكرة حديثة، إلا أنها بدأت في نيويورك في فبراير 2024 ولاقت اهتمامًا واسعًا. من المفارقات أن الفيديو الذي نشره النادي على إنستغرام للترويج لهذه الفعاليات الخالية من الهواتف أصبح سريع الانتشار. أظهر الفيديو أشخاصًا يقومون بأنشطة مثل الحياكة والرسم والتفاعل دون الاعتماد على الهواتف، مما جذب ملايين المشاهدات وشجع الكثيرين على طلب تنظيم مثل هذه الفعاليات في بلدانهم.
مؤسسو النادي يؤمنون بأن علاقتنا الحالية مع الهواتف تؤثر سلبًا على صحتنا العقلية والعاطفية. ستينلي، أحد المؤسسين، أوضح أن الهدف هو خلق حركة عالمية تساعد الناس على تقليل استخدامهم للشاشات. في مدن سريعة الوتيرة مثل دبي، يعتمد الكثيرون على التكنولوجيا لإعادة شحن طاقتهم، لكن هذه الفعاليات تثبت أن هناك طرقًا أخرى للعثور على التوازن بعيدًا عن العالم الرقمي.
ولا تقتصر أنشطة "The Offline Club" على دبي أو هولندا، بل هناك خطط لتوسيع الفعاليات إلى مدن أخرى مثل لندن، ميلان، باريس، وبرشلونة. ولدت الفكرة من تجارب شخصية، حيث قضى أحد المؤسسين يوردي فان بينيكوم، عطلة نهاية أسبوع في عام 2021 بعيدًا عن هاتفه، مما ساعده على إعادة اكتشاف ذاته والتواصل مع العالم من حوله بعيدًا عن التكنولوجيا.
ووفقاً للتقارير الحديثة مثل تقرير DataReportal الصادر في يناير 2024، تُظهر أن الشخص العادي يقضي أكثر من ست ساعات يوميًا أمام الشاشات. كما يرتبط الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي بمشاعر القلق، الاكتئاب، والوحدة. وأكدت الأخصائية النفسية سانيجتا مانغاني في دبي أن الإدمان الرقمي له تأثيرات سلبية على الصحة العقلية، ويمكن أن يؤدي إلى الإرهاق ومشاكل النوم وتوتر العلاقات.
تُعد فعاليات "The Offline Club" وسيلة لتخفيف هذه التأثيرات، حيث تساعد الناس على إعادة التواصل مع أنفسهم والآخرين بطريقة أكثر صدقًا وعمقًا. من خلال تقليل التشتت الرقمي، يتمكن المشاركون من بناء علاقات أقوى والاستمتاع بلحظات من الهدوء والتأمل، وهي جوانب غالبًا ما تُهمل في عالمنا المشبع بالتكنولوجيا.